المدوَّنة العربية
الوكلاء المستقلين: دليل قادة المؤسسات للموجة القادمة من الذكاء الاصطناعي
يمثل ظهور الوكلاء المستقلين للذكاء الاصطناعي نقلة نوعية في تطور التقنيات الذكية. تتجاوز هذه الأنظمة المبتكرة حدود واجهات المحادثة التقليدية، لتصبح قادرة على التفكير والتخطيط وإنجاز المهام، سواء بالتعاون مع البشر أو نيابة عنهم. ويمتد نطاق قدراتها ليشمل مجالات متنوعة، من تجميع الأبحاث وإدارة الفواتير، إلى تخطيط الرحلات وإدارة تطبيقات المؤسسات المعقدة.
يشهد عالم الأعمال اليوم تحولاً جذرياً مع تسارع نضج تقنيات الوكلاء المستقلين وتزايد تبني المؤسسات لها. ويستند هذا التطور السريع إلى ثلاث ركائز أساسية: توفر نماذج ذكاء اصطناعي تجمع بين الفعالية الاقتصادية والقدرات المتقدمة، ونضوج البنية التحتية الآمنة للبيانات، وتطور أدوات التطوير المتخصصة. ونتيجة لهذا التحول، يجد قادة المؤسسات أنفسهم أمام فرص غير مسبوقة وتحديات تنظيمية عميقة، مع انتقال هذه التقنية من مرحلة التجريب إلى كونها عنصراً محورياً في البنية التحتية للأعمال.
تطور وكلاء الذكاء الاصطناعي
يمثل تطور وكلاء الذكاء الاصطناعي مساراً مشابهاً لتطور السيارات ذاتية القيادة. فكما تدرجت تقنيات القيادة الذاتية من المستوى الأول المتمثل في التحكم البسيط بالسرعة، وصولاً إلى المستوى الرابع الذي يتيح القيادة المستقلة الكاملة ضمن نطاقات محددة، يشهد وكلاء الذكاء الاصطناعي تطوراً متسارعاً في مستويات استقلاليتهم. ويمكن تتبع هذا التطور عبر أربعة مستويات رئيسية، كل منها يمثل قفزة نوعية في القدرات والإمكانيات:
- المستوى الأول – التسلسل البسيط: يتجسد هذا المستوى في أتمتة العمليات الروبوتية (RPA) التي تعتمد على قواعد محددة مسبقاً. ويمكن تصور هذا من خلال مثال بسيط: استخلاص بيانات الفواتير من ملفات PDF وإدخالها آلياً في قاعدة بيانات. هنا، تتبع العملية خطوات ثابتة ومبرمجة، دون القدرة على التكيف مع الحالات غير المتوقعة.
- المستوى الثاني – سير العمل الديناميكي: في هذا المستوى، تظل الإجراءات الفردية محددة مسبقاً، لكن الابتكار يكمن في القدرة على تحديد تسلسلها بشكل ديناميكي. يتم ذلك باستخدام موجهات ذكية أو النماذج اللغوية الكبيرة (LLMs)، مما يضفي مرونة كبيرة على العملية. ومن الأمثلة على ذلك: صياغة رسائل بريد إلكتروني مخصصة للعملاء، حيث يتكيف المحتوى والنبرة وفقاً لسياق كل عميل. كما يشمل هذا المستوى تشغيل عمليات الجيل المعزز للاسترجاع (RAG) مع منطق تفرعي، مما يتيح للنظام اتخاذ مسارات مختلفة بناءً على المعلومات المستخلصة أثناء العملية.
- المستوى الثالث – الاستقلال الجزئي: في هذا المستوى المتقدم، يكتسب الوكيل قدرة ملحوظة على العمل بشكل شبه مستقل. فبمجرد تحديد الهدف، يستطيع الوكيل تخطيط وتنفيذ وتعديل سلسلة من الإجراءات باستخدام مجموعة أدوات متخصصة، مع حاجته للحد الأدنى فقط من الإشراف البشري. ويتجلى ذلك بوضوح في معالجة طلبات دعم العملاء، حيث يمكن للوكيل التنقل بين أنظمة متعددة، وفهم طبيعة المشكلة، واقتراح الحلول المناسبة، وتنفيذها بشكل مستقل، مع الاحتفاظ بالقدرة على طلب التدخل البشري عند مواجهة حالات معقدة أو غير معتادة.
- المستوى الرابع – الاستقلال التام: يمثل هذا المستوى قمة التطور في الذكاء الاصطناعي، حيث يعمل الوكيل بأدنى حد من الإشراف البشري أو بدونه تماماً عبر مجالات متعددة ومعقدة. ما يميز هذا المستوى هو قدرة الوكيل على تحديد الأهداف بشكل استباقي، والتكيف الديناميكي مع النتائج، وحتى إنشاء أو اختيار أدواته الخاصة لتنفيذ المهام. نموذج ذلك يتجلى في وكلاء البحث الاستراتيجي المتقدمين، الذين يمتلكون القدرة على اكتشاف المعلومات من مصادر متنوعة، وتحليلها بعمق، وتلخيصها بدقة، وتوليد رؤى جديدة بناءً عليها – كل ذلك بشكل مستقل وبمستوى يضاهي، وأحياناً يفوق، قدرات الخبراء البشريين في المجال.
مع حلول الربع الأول من عام 2025، نجد أن غالبية تطبيقات الذكاء الاصطناعي – تلك القادرة على العمل باستقلالية – لا تزال تتركز في المستويين الأول والثاني. في حين بدأ استكشاف المستوى الثالث، إلا أنه يبقى محدوداً في نطاقات ضيقة ويعتمد على عدد محدود من الأدوات، غالباً ما يقل عن 30 أداة. ومع ذلك، فإن ما يميز الوكلاء المستقلين حقاً ويضعهم في طليعة التطور التكنولوجي هو قدرتهم الفريدة على التفكير بشكل متكرر ومنهجي، وتقييم النتائج بدقة وموضوعية، وتكييف الخطط بمرونة استجابة للمتغيرات، ومتابعة الأهداف بثبات واستمرارية. كل هذا يتم دون الحاجة إلى تدخل بشري مستمر، مما يفتح آفاقاً جديدة في عالم الأتمتة والذكاء الاصطناعي، ويبشر بتحول جذري في كيفية تنفيذ المهام المعقدة وصنع القرارات في مختلف القطاعات.
التأثير الاقتصادي: آفاق السوق والتحول في قطاع الأعمال
تشير تقديرات McKinsey، إلى أن الذكاء الاصطناعي المولّد سيساهم بمبلغ يتراوح بين 2.6 و4.4 تريليون دولار سنوياً من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وقد بدأنا نرى بوادر تحقق هذه التوقعات مع الانتشار المتزايد للوكلاء المستقلين، فوفقاً لتنبؤات شركة Gartner ستُتخذ ما لا يقل عن 15% من قرارات الأعمال بشكل مستقل بواسطة وكلاء الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2028، مقارنة بنسبة 0% في عام 2024. علاوة على ذلك، من المتوقع أن ينمو سوق وكلاء الذكاء الاصطناعي ليصل إلى 52.6 مليار دولار بحلول عام 2030، محققاً معدل نمو سنوي مركب يقارب 45%.
هذه التقديرات لا تعكس مجرد حماساً مفرطاً، بل تعبر عن قناعة متزايدة لدى المؤسسات بالقدرات الملموسة لوكلاء الذكاء الاصطناعي. وتشير الدراسات إلى أن أكثر من 50% من المؤسسات تحدد الذكاء الاصطناعي القائم على الوكلاء كأولوية في خطط تطوير الذكاء الاصطناعي لديها. ورغم وجود تساؤلات حول استدامة هذا النمو، إلا أن المؤشرات تؤكد أنه اتجاه راسخ وليس مجرد موجة عابرة.
نشهد اليوم تحولاً ملحوظاً حيث تتجاوز الشركات مرحلة التجريب إلى التطبيق الفعلي في بيئات العمل الحقيقية. وقد أثمر هذا التحول عن تحقيق فوائد ملموسة في ثلاثة مجالات رئيسية: تحسين الإنتاجية من خلال أتمتة المهام الروتينية وتسريع عمليات صنع القرار، وخفض التكاليف التشغيلية عبر تقليل الأخطاء وتحسين كفاءة استخدام الموارد، وتسريع دورات الابتكار بفضل القدرة على معالجة وتحليل كميات هائلة من البيانات بسرعة فائقة. هذه التطورات تشير إلى أننا نقف على أعتاب تحول جذري في كيفية إدارة الأعمال وصنع القرارات في المستقبل القريب.
وفيما يلي أمثلة عملية على نجاح تطبيق هذه التقنيات:
وكلاء الابتكار والبحث: قدمت شركة Genentech المتخصصة في التكنولوجيا الحيوية نموذجاً مبتكراً في توظيف الذكاء الاصطناعي، حيث طورت حلاً متقدماً على منصة AWS لأتمتة عمليات البحث اليدوية المستهلكة للوقت. ويتجاوز هذا الحل مجرد الأتمتة البسيطة، إذ يتيح للعلماء التركيز على الأبحاث عالية التأثير ويسرّع بشكل ملحوظ عملية اكتشاف الأدوية. يعتمد النظام على وكلاء مستقلين يتميزون بقدرتهم الفائقة على تفكيك مهام البحث المعقدة إلى مراحل عمل ديناميكية متعددة الخطوات. وما يميز هؤلاء الوكلاء عن أنظمة الأتمتة التقليدية هو قدرتهم على تكييف منهجيتهم بشكل مستمر استناداً إلى المعلومات المكتسبة في كل مرحلة. كما يستطيعون الوصول إلى قواعد المعرفة المتعددة وتحليلها باستخدام تقنية RAG، مع تنفيذ استعلامات معقدة عبر واجهات برمجة التطبيقات وقواعد البيانات الداخلية للشركة.
وكلاء الإنتاجية في مكان العمل: حققت Amazon قفزة نوعية في تعزيز إنتاجية مطوريها من خلال توظيف وكلاء ذكاء اصطناعي باستخدام Amazon Q Developer. تبرز قدرة Amazon Q Developer بشكل لافت مجال أتمتة عمليات ترقية إصدارات Java، وهي مهمة كانت تستهلك وقتاً وجهداً كبيرين في السابق. فخلال عام 2024، نجحت Amazon في دمج هذه القدرة المبتكرة ضمن أنظمتها الداخلية، مما أدى إلى نتائج مذهلة. فقد تمكنت الشركة من ترحيل عشرات الآلاف من التطبيقات من الإصدارات القديمة (Java 8 أو 11) إلى الإصدار الأحدث Java 17. هذا الإنجاز الاستثنائي لم يقتصر فقط على تمكين المطورين من إتمام عمليات الترقية في وقت قياسي، بل امتد تأثيره ليشمل تحسينات في أداء التطبيقات وخفضاً في التكاليف التشغيلية على مستوى الشركة ككل.
وكلاء سير العمل المتقدمون: قدمت شركة Rocket Mortgage نموذجاً مبتكراً في تحويل تحديات تمويل المنازل إلى فرصة للتطوير التقني. فقد واجهت الشركة تحدياً في تقديم تجربة تمويل عقاري أكثر تخصيصاً وفعالية لعملائها، فطورت استجابةً لذلك نظاماً ذكياً متكاملاً باستخدام Amazon Bedrock Agents. يستند هذا النظام المتطور إلى قاعدة بيانات ضخمة تتجاوز 10 بيتابايت من المعلومات المالية، مما يمكّنه من تقديم توصيات دقيقة للرهون العقارية وإرشادات مالية شخصية آنية. وقد أثمر تطبيق هذه الحلول المتقدمة عن نتائج ملموسة تتمثّل في السرعة في معالجة استفسارات العملاء، وارتفاع في دقة التوصيات المخصصة، وتحسن جوهري في تجربة العملاء أثناء تعاملهم مع إجراءات التمويل العقاري المعقدة.
أدوات أم زملاء في الفريق؟ مستقبل التعاون بين الإنسان والذكاء الاصطناعي
يتجاوز تأثير الوكلاء المستقلين مجرد التوقعات الاقتصادية ليمثل تحولاً جوهرياً في كيفية تنظيم العمل وخلق القيمة. ويتجلى جوهر هذا التحول في ظهور نموذج “الشراكة بين الإنسان والذكاء الاصطناعي” – وهو إعادة تصور جذرية لمفهوم “الإنسان في الحلقة”. ففي حين يتميز البشر بالخبرة الحية والتفكير الأخلاقي والإبداع البديهي المستند إلى الحدس والعاطفة، يبرع الوكلاء في التنفيذ المنهجي، واكتشاف الأنماط الإحصائية، والعمل المستقل الموجه نحو الأهداف على نطاق واسع.
يبرز هنا سؤال محوري يشغل المختصين: هل يمثل هؤلاء الوكلاء المستقلون مجرد أدوات متطورة، أم أنهم يتطورون ليصبحوا شركاء حقيقيين في العمل؟ من الناحية التقنية، يمكن اعتبار الوكلاء أدوات تفتقر إلى الوعي الحقيقي والمسؤولية الأخلاقية. غير أن قدرتهم على العمل باستقلالية، والحفاظ على الأهداف الثابتة، والتنسيق مع وكلاء آخرين تخلق واقعاً تشغيلياً جديداً يحاكي طبيعة عمل الزملاء البشري. ورغم افتقارهم للفاعلية الأخلاقية الذاتية، فإن مخرجات عملهم تعكس غالباً سلوكاً أخلاقياً – مستمداً من المبادئ والضوابط التي وضعها المهندسون البشر في تصميمهم. والسؤال الجوهري الذي يجب أن نفكر فيه اليوم: أين يظل التدخل البشري ضرورياً ولا يمكن الاستغناء عنه في المهام المعرفية؟ تتباين الإجابة حسب المجال والسياق. ففي القطاعات عالية المخاطر – كالرعاية الصحية والتفسير القانوني وصنع السياسات – تبقى القدرات البشرية من حكم وتعاطف وتفكير أخلاقي عناصر جوهرية لا بديل عنها. أما في مجالات كالخدمات اللوجستية وتشغيل تكنولوجيا المعلومات، فيستمر الاعتماد على الخبرة البشرية في الإشراف ومعالجة الحالات الاستثنائية وتصميم النظم.
نشهد حالياً إعادة تشكيل للأدوار المهنية، حيث يتحول تركيز البشر نحو الإشراف الاستراتيجي على مسارات العمل المعقدة، وصياغة الأهداف، وضمان المخرجات المسؤولة. ويبرز تطوير المهارات كضرورة ملحة، إذ يعتمد النجاح المهني بشكل متزايد على “معرفة الوكيل” – أي القدرة على إدارة وتوجيه فرق الوكلاء الاصطناعيين بكفاءة. وفي حين قد يؤدي هذا التحول إلى استحداث أدوار جديدة، خاصة في مجال حوكمة الذكاء الاصطناعي، إلا أن التأثير الأكبر سيكون في تطور الأدوار القائمة. فمثلاً، قد يتولى مديرو خدمة العملاء الإشراف على أنظمة متعددة الوكلاء، بينما يتحول محللو الأعمال إلى مقيّمين لمخرجات الذكاء الاصطناعي. ويبقى التحدي الأكبر أمام المؤسسات اليوم هو بناء الأنظمة والسياسات والثقافات التي تدعم وتعزز هذا النمط الجديد من التعاون.
الأخلاقيات في عالم الوكلاء المستقلين
يتطلب النجاح في تبني الوكلاء المستقلين نهجاً دقيقاً ومدروساً في التعامل مع قضايا الحوكمة والأخلاقيات. فمع تنامي دور وكلاء الذكاء الاصطناعي في عمليات صنع القرار، أصبح لزاماً على المؤسسات صياغة إرشادات أخلاقية واضحة، خاصة عند التعامل مع بيانات العملاء والشؤون المالية والعمليات الحساسة. وقد برز تحدٍ خاص يتمثل في فجوة التوقعات: حيث يميل المستخدمون إلى توقع الكمال من وكلاء الذكاء الاصطناعي، في حين يتسامحون مع القصور البشري. هذا المعيار المزدوج قد يقوض الثقة في الوكلاء حتى عندما تكون أخطاؤهم أقل بكثير من نظيرتها البشرية. وهنا يأتي دور القابلية للتفسير كعامل محوري في جسر هذه الفجوة، حيث يزداد تقبل البشر لقرارات الذكاء الاصطناعي عندما تُقدَّم مع تفسيرات منطقية تحاكي التفكير البشري.
ومع تزايد مستوى استقلالية الوكلاء، تبرز المساءلة والخصوصية كركيزتين أساسيتين:
المساءلة وتحديد المسؤوليات: مع تطور دور الوكلاء من مجرد أدوات إلى شركاء في العمل، يتطور مفهوم المساءلة ليصبح أكثر توزيعاً وتعقيداً. لا يمكن اعتبار وكيل الذكاء الاصطناعي مسؤولاً بحد ذاته، لذا تحتاج المؤسسات إلى إطار متكامل للمسؤولية المشتركة. وكلما زادت استقلالية الوكيل، ازدادت أهمية توثيق وتحديد “سلسلة المساءلة” بوضوح، سواء من خلال مصفوفة RACI أو سياسات الحوكمة المؤسسية. في هذا الإطار، يتحمل مهندسو التعلم الآلي مسؤولية ضمان نزاهة البيانات التدريبية، بينما يتولى فريق MLOps مسؤولية أمن البيانات وآليات الحماية، وييتحمل قادة الأعمال وفرق المنتجات مسؤولية اعتماد الحلول بعد اختبارها بدقة.
الخصوصية وحماية البيانات: رغم أن الوكلاء المستقلين يستفيدون من ضوابط الخصوصية التقليدية مثل إدارة الهوية والوصول (IAM)، إلا أن طبيعتهم الديناميكية تفرض تحديات جديدة. فقدرتهم على اتخاذ قرارات فورية وتجميع البيانات عبر سياقات متعددة قد تتعارض مع مبادئ حماية البيانات الأساسية، مثل تلك المنصوص عليها في اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR). لذا، يجب على المؤسسات تطوير آليات حماية ذكية تراعي السياق، مع تعزيز إمكانيات التتبع وضمان امتثال الوكلاء لمعايير الخصوصية المقررة.
وتبقى إمكانية التتبع عنصراً حاسماً في هذه المنظومة، إذ تضمن القدرة على تحليل وفهم أسباب أي سلوك غير متوقع قد يظهر من الوكلاء.
متطلبات القيادة: دور رئيس قسم المعلومات كمحفز للابتكار الفعّال
مع تلاشي الحدود التقليدية بين الوكلاء كأدوات والوكلاء كزملاء في الفريق، تواجه المؤسسات ضرورة إعادة تصور جذري لكيفية إدارة هذه الكيانات الذكية والتعاون معها. في خضم هذا التحول الجوهري، يبرز دور الرئيس التنفيذي للمعلومات (CIO) كمحور أساسي في تنظيم وتعظيم قيمة الوكلاء داخل المؤسسة.
يتردد في الأوساط التقنية تشبيه مثير للاهتمام: “سيصبح بمثابة قسم الموارد البشرية لوكلاء الذكاء الاصطناعي“. ورغم بساطة هذا التشبيه، إلا أنه يلمح إلى تحول عميق في دور الرؤساء التنفيذيين للمعلومات. فبدلاً من الاقتصار على توظيف التكنولوجيا، سيتسع نطاق مسؤولياتهم ليشمل تنظيم وتنسيق وإدارة مجموعات متنوعة من الوكلاء المستقلين عبر أقسام المؤسسة. وسيكون النجاح حليف المؤسسات التي تتمكن من تمكين إداراتها المختلفة – من التسويق إلى العمليات والتمويل – من تصميم وتوظيف الوكلاء وفقاً لاحتياجاتها الخاصة، مع الالتزام بإطار موحد للحوكمة وأمن المعلومات وسلامة البيانات.
في هذا السياق، يتحول دور الرئيس التنفيذي للمعلومات من مجرد حارس للبوابة التقنية إلى محفز رئيسي للابتكار اللامركزي في مجال الوكلاء الذكية. ولتحقيق هذا الدور الحيوي، ينبغي على الرؤساء التنفيذيين للمعلومات التركيز على الإجراءات الاستراتيجية التالية:
- وضع خارطة طريق استراتيجية: تطوير رؤية شاملة لتنفيذ وكلاء الذكاء الاصطناعي، تبدأ بالأتمتة الأساسية وتتدرج نحو الأنظمة الأكثر استقلالية. من الضروري أن تتضمن هذه الخارطة أطراً واضحة للحوكمة وهياكل للمساءلة منذ البداية.
- قيادة التعاون بين الإنسان والآلة: التموضع كمنسق رئيسي للتفاعل بين العنصر البشري والذكاء الاصطناعي. يتطلب هذا تغييراً في النظرة إلى وكلاء الذكاء الاصطناعي من مجرد أدوات إلى شركاء في العمل، مع قيادة التحول الثقافي اللازم وتطوير المهارات المطلوبة عبر المؤسسة.
- تعزيز الأمان والخصوصية: تصميم وتنفيذ ضوابط متقدمة للأمان والخصوصية تتجاوز الأساليب التقليدية. هذه الضوابط يجب أن تكون مصممة خصيصاً لتتلاءم مع الطبيعة الديناميكية والمتطورة للوكلاء المستقلين.
- تحقيق التوازن بين الابتكار والتحكم: إيجاد نقطة التوازن الدقيقة بين تشجيع الابتكار وضمان التحكم المناسب. يتطلب هذا تمكين تبني الذكاء الاصطناعي بشكل لامركزي عبر مختلف الإدارات، مع الحفاظ في الوقت نفسه على معايير موحدة وآليات حماية متسقة على مستوى المؤسسة.
تعرف على المزيد:
تواصل معنا لمعرفة المزيد حول تقييم جاهزية مؤسستك للعمل مع الوكلاء المستقلين كزملاء في الفريق، أو إذا كنت ترغب في التعمق في تطوير المهارات وتقييم المخاطر المرتبطة بخطط الذكاء الاصطناعي الخاصة بك.
اكتشف المزيد عن مركز ابتكار الذكاء الاصطناعي المولّد وكيف نعمل على تسريع تبني الذكاء الاصطناعي الفعال عبر المؤسسات المختلفة.